أكثر من خمسون دليلا على تحريم الإختلاط
صفحة 1 من اصل 1
أكثر من خمسون دليلا على تحريم الإختلاط
أكثر من 50 دليلا على تحريم الاختلاط
الحمدالله رب العالمين وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
رأيت أن أضع موضوعاً حول الإختلاط متجدد فيه كل ما يتعلق حول الإختلاط من شبهات وأدلة
وأقوال العلماء وبالله التوفيق والمنة
اولاً :
أكثر من خمسين دليلاً على تحريم الإختلاط :
الأدلة من القرآن الكريم :
قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ(33) } سورة القصص.
في الآية أربعة أدلة على المنع من الاختلاط ..
1 - قوله تعالى : ( من دونهم ) إشارة إلى أنهن كن بعيدات منعزلات غير مختلطات بالرجال .
2- قوله تعالى : ( تذودان ) أي يمنعن غنمهما من أن يذهبن إلى غنم القوم فيؤدي إلى اقترابهما من الرجال.
3- قوله تعالى : ( لا نسقي حتى يصدر الرعاء ) تأكيد ورفض منهن أن يسقين الغنم وهن مختلطات بالرجال.
4- قوله تعالى : ( وأبونا شيخ كبير ) أي يردن القول بأنهن لم يكن ليخرجن للسقيا لولا أن والدهما شيخ كبير في السن ولا يوجد أحد يقوم مقامه في السقيا فاضطررن للخروج ..
5- قال تعالى : ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك )
قال عمر رضي الله عنه: جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها، ليست بسلفع خراجة ولاجة. هذا إسناد صحيح.( تفسير ابن كثير 6/ 204)
6- قوله تعالى : (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن )
قال الشيخ صالح الفوزان : لأن الحجاب يمنع الاختلاط بين الرجال والنساء ويجعل النساء منعزلات من ورائه عنهم حال سؤالهم لهن ـ ومثله قوله تعالى عن مريم (فاتخذت من دونهم حجابا) أي ساتراً يعزلها عن اختلاطها بقومها.أ.هـ
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية : أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب .
والآية عامة في جميع النساء وليست خاصة بأمهات المؤمنين , ويمكنكم مراجعة هذا الرابط ففيه بيان هذه المسألة : **Internal Linking (Threads)
**Internal Linking (Threads)
7- قال تعالى : (( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ، وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون )) [يوسف:23].
قال الشيخ محمد بن إبراهيم : وجه الدلالة : أنه لما حصل اختلاط بين إمرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كان كامناً فطلبت منه أن يوافقها ، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها ، وذلك في قوله تعالى : (( فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم )) [يوسف:34] وكذلك إذا حصل اختلاط بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر ، وبذلك بعد ذلك الوسائل للحصول عليه .
8- قال تعالى : (( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن )) [النور:31].
وجه الدلالة أنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزاً في نفسه لئلا يكون سبباً إلى سماع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم عليهن، فمن باب أولى أن يمنع الاختلاط لما يؤدي إليه من الفساد العريض وظهور لكامل زينة المرأة في حدث يومي متكرر .
9- قوله تعالى : (( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )) [غافر:19]
فسرها ابن عباس وغيره : هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، ومنهم المرأة الحسناء وتمر به ، فإذا غفلوا لحظها ، فإذا فطنوا غض بصره عنها ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غمض ، وقد اطلع إليه من قلبه أنه لو اطلع على فرجها ، وأنه لو قدر عليها فزنى بها .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم : وجه الدلالة: أن الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى مالا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة ، فكيف بالاختلاط .
10 - أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن ، قال تعالى : (( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )) الآية [الأحزاب:23] .
قال مجاهد في تفسير قوله تعالى ( ولاتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) : كانت المرأة تخرج فتمشي بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية ( الطبقات الكبرى تسمية النساء المسلمات 8/ 157 )
قال الشيخ محمد بن إبراهيم : وجه الأدلة : أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن ، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين ، لما تقرر في علم الأصول أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه ، وليس هناك دليل يدل على الخصوص ، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن ، فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق ؟ . على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء ، وخلعهن جلبات الحياء ، واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم ، وقل الوزاع عن من أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم .
الأدلة من السنة النبوية :
فتنة النساء
11 - قال صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء) رواه البخاري ومسلم. فوصفهن بأنهن فتنة فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون.
قال ابن عبدالبر : وفـيه دلـيل علـى أن الإمام يجب علـيه أن يحول بـين الرجال والنساء فـي التأمل والنظر، وفـي معنى هذا منع النساء اللواتـي لا يؤمن علـيهن ومنهن الفتنة من الـخروج والـمشي فـي الـحواضر والأسواق، وحيث ينظرن إلـى الرجال. (التمهيد 9/ 122)
12 - قال صلى الله عليه وسلم: (.. فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) رواه مسلم.
قال اشيخ محمد بن إبراهيم : فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتقاء النساء وهو يقتضي الوجوب. فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط ؟ هذا لا يجوز .
باب حضور النساء صلاة الجماعة في المسجد :
13 - الأفضل للنساءصلاتهن في قعر بيوتهن ,ففي فيض الباري شرح صحيح البخاري 3/ 48 قال الكشميري رحمه الله : واعلم أن ههنا سِرًّا وهو أَني لم أَرَ في الشريعة تَرغيبًا لهن في حضورهن الجماعة، بل عند أبي داود ما يخالِفُه،فعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا قال: «صلاةُ المرأةِ في بيتِها أَفْضَلُ مِن صلاتها في حُجْرَتِها، وصلاتُها في مَخْدَعِها أَفْضَلُ مِن صلاتِها في بيتها». ا ه. وهذا يدلُّ على أنَّ مَرْضَى الشَّرْع أن لا يَخْرُجن إلى المساجدِ.
14 - وفي حديث آخر: «إنْكان لا بُدَّ لَهُنَّ مِن الخروجِ فليخرجن تَفِلاتٍ بدونِ زينةٍ، فلايَتَعَطَّرْنَ، فإِن فَعَلْن فهنَّ كذا وكذا».
قال الكشميري في فيض الباري : يعني زوانٍ. فهذه إباحةٌ لا عن رضاءٍ منه، كإباحة الفاتحة للمُقْتَدين. فلم يرغِبْهُنَّ في الخروج، ونهى الأزواجَ عن مَنْعِهنَّ عن الخروج أيضًا.
قال ابن دقيق العبد : فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم ، وربما يكون سبباً لتحريك شهوة المرأة أيضاً ، قال: ويلحق بالطيب مافي معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة ، قال الحافظ ابن حجر : وكذلك الاختلاط بالرجال ، وقال الخطابي في ( معالم السنن ) : التفل سوء الرائحة ، يقال : امرأة تفلة إذا لم تتطيب ، ونساء تفلات .
15- أنه صلى الله عليه وسلم نحى صفوف النساء عن الرجال في أطهر البقاع، بل في مسجده صلى الله عليه وسلم، وقال (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)
قال النووي رحمه الله: وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن مخالطة الرجال"
قال السندي رحمه الله : قوله: «خير صفوف الرجال» أي أكثرها أجراً «وشرها» أي أقلها أجراً وفي النساء بالعكس وذلك لأن مقاربة أنفاس الرجال للنساء يخاف منها أن تشوش المرأة على الرجل والرجل على المرأة ثم هذا التفصيل في صفوف الرجال على إطلاقه وفي صفوف النساء عند الاختلاط بالرجال كذا قيل ويمكن حمله على إطلاقه لمراعاة الستر فتأمل والله تعالى أعلم.(شرح السندي على السنن الصغرى 1/ 366)
16 - ليس هذا فحسب بل خصص للنساء باب خاص لا يلج منه الرجال..
روى أبو داود الطيالسي في " سننه " وغيره عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل بابا للنساء ، وقال : " لا يلج من هذا الباب من الرجال أحدا " .
وروى البخاري في " التاريخ الكبير " عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن عمر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تدخلوا المسجد من باب النساء".
ووجه الدلالة :
أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال والنساء في أبواب المساجد دخولا وخروجا ، ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد سدا لذريعة الاختلاط . فإذا منع الاختلاط في هذه الحال ، ففيه ذلك من باب أولى .
17- وليس هذا فحسب بل كما ثبت في الحديث : (كُنَّ إذا سَلَّمْنَ مِنْ المَكْتوبةِ قُمْنَ، وَثَبت رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم وَمَنْ صَلَّى مِن الرِّجَالِ)
قال الكشميري وذلك لئلا يلزمَ الاختلاطُ في الطريق. (فيض الباري شرح صحيح البخاري3/ 48) وهكذا تتابعت تعليقات العلماء والفقهاء على هذا الحديث بأن فعل ذلك عليه الصلاة والسلام حتى لا يختلط الرجال بالنساء ..
18- ليس هذا فحسب بل ثبت ـ عن مالك بن ربيعة - رضي الله عنه- أَنَّهُ " سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فقال رسول الله صلى الله علي وسلم للنساء : ليس لَكُنَّ أن تحققن بالطريق . عليكن بحافات الطريق ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالشيء في الجدار من لصوقها به "
باب حضور النساء صلاة العيد :
19 - إن النساء كن يحضرن الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن يختلطن بالرجال بل كن معزولات عن الرجال عن عبدالرحمن بن عابس قال: سمعت ابن عباس قيل له: أشهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ولولا مكاني من الصغر ما شهدته حتى أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت، فصلى ثم خطب ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة. رواه البخاري.
قال ابن حجر: قوله: (ثم أتى النساء) يشعر بأن النساء كن على حدة من الرجال غير مختلطات بهم.
20 - وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَرَج ومعه بلال فظنّ أنه لم يسمع فوعظهن وأمَرَهنّ بالصدقة .
وفي رواية للبخاري : ثم أقبل يشقهم حتى جاء النساء معه بلال .
فهذا يدل على أنه شقّ صفوف الرجال حتى أتى صفوف النساء في مؤخِّرة المصلى .
ولو كُنّ جنبا إلى جنب مع الرِّجال لما احتاج الأمر إلى أن يُسمعهنّ ، ولما شق صفوف الرِّجال حتى يأتي النساء .
21- ولما قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : غلبنا عليك الرجال ، فاجعل لنا يوما من نفسك . فوعدهن يوما لقيهن فيه ، فوعظهن وأمرهن . رواه البخاري .
وقد نص الفقهاء على المنع من اختلاط الرجال بالنساء في المسجد، لما يترتب عليه من المفاسد ( انظر انظر مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 2/258، وغذاء الأباب في شرح منظومة الآداب 2/314.) ومنه الاختلاط لأجل طلب العلم .
باب التفريق بين الأولاد وهم أبناء عشر
22- قال صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع)
قال الشيخ محمد بن إبراهيم : فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتفريق بين الأولاد وعدم اختلاط ذكوراً أو إناثاً أو ذكورا وإناثا مع أنهم أبناء عشر سنين فكيف بمن هم أكبر منهم. وهذا تنبيه بالأدنى على الأعلى.
باب الحج :
23- قال صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها: (طوفي من وراء الناس وأنت راكبة) رواه البخاري.
قال النووي : إنما أمرها صلى الله عليه وسلّم بالطواف من وراء الناس لشيئين: أحدهما أن سنة النساء التباعد عن الرجال في الطواف. (شرح النووي على صحيح مسلم 90 16 )
24- لقد فقه الصحابة رضي الله عنهم هذه الأدلة الدالة على تحريم الاختلاط وامتثلوا لها فاجتنبوه ومنعوه.
ومن ذلك ما روي أنه دخلت على أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها مولاة لها فقالت لها: (يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعاً واستلمت الركن مرتين أو ثلاثاً فقالت لها عائشة: لا آجرك الله خيراً لا آجرك الله خيراً تدافعين الرجال؟! ألا كبرت ومررت)، وعائشة رضي الله عنها تعد من الفقيهات بل إن الصحابة رضي الله عنهم يرجعون إليها في الأمور التي تشكل عليهم.
قال أبو عمر ابن عبدالبر : الاستلام للرجال دون النساء عن عائشة، وعطاء وغيرهما ، وعليه جماعة الفقهاء. ( التمهيد 22/ 258 )
25- وعن ابن جريج أنه قال أخبرني عطاء أن عائشة رضي الله عنها كانت تطوف بالبيت حجرة من الرجال لا تخالطهم.
26- ولما وقع في عهد عمر رضي الله عنه شيء من اختلاط الرجال بالنساء في الطواف نهى أن يطوف الرجال مع النساء، فرأى رجلاً معهن فضربه بالدرة.( رواه الفاكهي في أخبار مكة(484).).
27 - وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه) فهذه حال الصحابيات مع الفقيهة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهم أجمعين الابتعاد عن الرجال وعدم الاختلاط بهم.
28- قال الحافظ ابن حجر: روى الفكهاني من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال: نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء، قال فرأى رجلا معهن فضربه بالدرة.
29- وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال مستنكراً اختلاط النساء بالرجال: ألا تستحون ألا تغارون أن يخرج نساؤكم؟ فإني بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج.
باب من وراء حجاب
30 - قال مسروق : سمعت عائشة وهى من وراء الحجاب . رواه البخاري ومسلم .
31- وعند البخاري من طريق يوسف بن ماهك قال : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يُبايَع له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا ، فقال : خذوه ! فدخل بيت عائشة ، فلم يقدروا ، فقال مروان : إن هذا الذي أنزل الله فيه : (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي) فقالت عائشة - من وراء الحجاب - : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عُذري .
فالشاهد أن عائشة رضي الله عنها كانت تُكلِّم الناس من وراء حجاب .
32- قال الإمام البخاري في ترجمة عبد الله أبي الصهباء الباهلي : ورأى سِتْر عائشة رضي الله عنها في المسجد الجامع ، تُكَلِّم الناس من وراء السِّتر ، وتُسأل من ورائه . اهـ .
- وليس هذا مختصاً بأمهات المؤمنين بل كانت النساء إذا تعلّمن أو عَلّمن يكون ذلك من وراء حجاب .
ففي ترجمة الحرّة البسطامية : وكان يُقرأ عليها من وراء السِّتر .
33- وكانت النساء يَكُنّ من وراء الستور .
ففي المسند عن عبد الله أبي عبد الرحمن قال : سمعت أبي يقول : جاء قوم من أصحاب الحديث فاستأذنوا على أبي الأشهب ، فأذن لهم فقالوا : حَدِّثنا . قال : سلوا . فقالوا : ما معنا شيء نسألك عنه ، فقالت ابنته - من وراء السِّـتْر - : سَلُوه عن حديث عرفجة بن أسعد أُصيب أنفه يوم الكُلاب .
والشواهد كثيرة على أن مجالس سلف هذه الأمة وخيارها لم تكن مفتوحة على بعض بل كان بينها السّتور .
كما أن نساء هذه الأمة لم يَكنّ يتعلّمن أو يَتعلّمن إلا من وراء حجاب وسِتر .
الأمر بغض البصر دليل على المنع من الاختلاط :
34- أمر الله الرجال بغض البصر ، وأمر النساء بذلك فقال تعالى : (( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن )) [النور:30-31].
فلو كان الاختلاط سائغاً في الشرع لكان في هذه الأوامر الربانية تكليف بما لا يطاق؛ إذ كيف تختلط المرأة بالرجل، وتجلس بجواره في العمل أو الدراسة، ولا ينظر كل واحد منهما للآخر وهما يتبادلان الأعمال والأوراق والدروس؟!
35- روى أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطأ " متفق عليه ، واللفظ لمسلم .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم : وإنما كان زناً لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها ، فتعلق في قلبه ، فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها . فإذا نهى الشارع عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط ، فكذلك الاختلاط ينهى عنه لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه .
36- حديث أبي سعيد رضي الله عنه وفيه ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن من حق الطريق: (غض البصر)( رواه البخاري(2333) ومسلم(2121).).
فإذا كان غض البصر واجباً على الرجال إذا مرت بمجلسهم في الطريق امرأة مروراً عابراً ، فكيف يسوغ لبعض الناس أن يزعموا أن شريعة الله تعالى لا تُمانع من اختلاط الرجال بالنساء يومياً في مكان مغلق الساعات الطوال ؟!
37- حديث جَرِيرِ بن عبد الله قال: (سَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عن نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي)( رواه مسلم(2159).).
38- حديث بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: ( يا عَلِيُّ لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فإن لك الْأُولَى وَلَيْسَتْ لك الْآخِرَةُ)( رواه أبو داود(2149) وصححه ابن حبان(5570)).
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله : فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلاطها معهم في الأعمال ؟ والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير .
وكيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي تسير مع الرجل الأجنبي جنبا إلى جنب بحجة أنها تشاركه في الأعمال أو تساويه في جميع ما يقوم به ؟ . انتهى
باب
39 - حديث عُقْبَةَ بن عَامِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ على النِّسَاءِ)( رواه البخاري(4934) ومسلم(2172)).
فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يحذر الرجال من الدخول على النساء فكيف إذاً بالمكث عندهن وأمامهن وبجوارهن في ساعات العمل والدراسة وغيرها كل يوم؟!
40 ـ أن الاختلاط بين النساء والرجال سبب لافتتان بعضهم ببعض وما كان وسيلة إلى الحرام فهو حرام. ولذلك قال الموفق ابن قدامة في المغني (3/372) إنه يستحب تأخير طواف المرأة إلى الليل ليكون أستر لها. ولا يستحب لها مزاحمة الرجال لاستلام الحجر. لكن تشير بيدها إليه كالذي لا يمكنه الوصول إليه.
41 - جاءت أسماء بنت السكن الأنصارية الأشهلية رضي الله عنها الملقبة بخطيبة النساء إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إن الله بعثك للرجال وللنساء كافة فآمنا بك وبإلهك، وإنا معشر النساء محصورات، مقصورات مخدورات، قواعد بيوتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجُمَع والجماعات، وفضلتم علينا بشهود الجنائز، وعيادة المرضى، وفضلتم علينا بالحج بعد الحج، وأعظم من ذلك الجهاد في سبيل الله. وإن الرجل منكم إذا خرج لحجٍ أو عمرةٍ أو جهادٍ؛ جلسنا في بيوتكم نحفظ أموالكم، ونربي أولادكم، ونغزل ثيابكم، فهل نشارككم فيما أعطاكم الله من الخير والأجر؟ فالتفت النبي بجملته وقال: ((هل تعلمون امرأة أحسن سؤالاً عن أمور دينها من هذه المرأة؟)) قالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تسأل سؤالها. فقال النبي : ((يا أسماء، افهمي عني، أخبري من وراءك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لرغباته يعدل ذلك كله)) فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر وتردد: يعدل ذلك كله، يعدل ذلك كله.(أخرجه ابن عبد البر في: الاستيعاب (4-1788)، والبيهقي في: شعب الإيمان (8743)، وفي إسناده مسلم بن عبيد الراوي عن أسماء لم أجد له ترجمة. )
ووجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم امتدح فقهها رضي الله عنها وقد وصفت النساء بأنهن محصورات مقصورات مخدورات قواعد ..
42-استأذنت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد ، فقال : جهادكن الحج . رواه البخاري .
وفي رواية عن عائشة أم المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله نساؤه عن الجهاد ، فقال : نِعْم الجهاد الحج . رواه البخاري .
قال ابن بطال: هذا دال على أن النساء لا جهاد عليهن، وأنهن غير داخلات في قوله تعالى: {انفروا خفافاً وثقالاً} (التوبة: 14). وهو إجماع، وليس في قوله: «جهادكن الحج» أنه ليس لهن أن يتطوعن به، وإنما فيه أنه الأفضل لهن، وسببه أنهن لسن من أهل القتال للعدو، ولا قدرة لهن عليه ولا قيام به، وليس للمرأة أفضل من الاستتار وترك مباشرة الرجال بغير قتال، فكيف في حال القتال التي هي أصعب؟ والحج يمكنهن فيه بمجانبة الرجال، والاستتار عنهن، فلذلك كان أفضل لهن من الجهاد.( عمدة القاري 14 / 163, فتح الباري شرح صحيح البخاري 6/ 168)
43- عن أنس، رضي الله تعالى عنه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في جنازة، فرأى نسوة فقال: أتحملنه؟ قلن: لا. قال: أتدفنه؟ قلن: لا. قال: "فارجعن مأزورات غير مأجورات".
قال العيني : لأن الرجال أقوى لذلك والنساء ضعيفات ومظنة للانكشاف غالبا، خصوصا إذا باشرن الحمل، ولأنهن إذا حملنها مع وجود الرجال لوقع اختلاطهن بالرجال، وهو محل الفتنة ومظنة الفساد. فإن قلت: إذا لم يوجد رجال؟ قلت: الضرورات مستثناة في الشرع( عمدة القاري 8/ 111)
44- عن مالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَفْلَـحَ أَخَا أَبِـي الْقُعَيْسِ، جَاءَ يَسْتَأَذِنُ عَلَـيْهَا، وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْـحِجَابُ، قَالَتْ فَأَبَـيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَـمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّه ، أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِـي أَنْ آذَنَ لَهُ عليّ (30 ـ 3).
قال ابن عبدالبر : فـي هذا الـحديث دلـيل علـى أن احتـجاب النساء من الرجال لـم يكن فـي أول الإسلام، وأنهم كانوا يرون النساء، ولا يستتر نساؤهم عن رجالهم، إلا بمثل ما كان يستتر رجالهم عن رجالهم، حتـى نزلت آيات الـحجاب (التمهيد 6/ 235)
قال العيني : وفيه أنه لا يجوز للمرأة أن تأذن للرجل الذي ليس بمحرم لها في الدخول عليها، ويجب عليها الاحتجاب منه، وهو كذلك إجماعاً بعد أن نزلت آية الحجاب، وما ورد من بروز النساء فإنما كان قبل نزول الحجاب، وكانت قصة أفلح مع عائشة بعد نزول الحجاب.(عمدة القاري 13/ 202)
45- وقد ثبت ذلك من حديث عروة عن عائشة موقوفاً أخرجه عبدالرزاق بإسناد صحيح ولفظه قالت «كن نساء بني إسرائيل يتخذن أرجلاً من خشب يتشرفن للرجال في المساجد فحرم الله عليهن المساجد، وسلطت عليهن الحيضة» وهذا وإن كان موقوفاً لكن حكمه حكم الرفع لأنه لا يقال بالرأي.(عون المعبود شرح سنن أبي داوود 2/ 331)
46- عن نافع، قال: خرج عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما وأنا معه على جنازة فرأى معها نساء ، فوقف ثم قال: ردهن، فإنهن فتنة الحي والميت ثم مضى، فمشى خلفها.( شرح المعاني والآثار كتاب الجنائز 1/ 479)
فهذا إنكار فعلي من عبدالله بن عمر الصحابي الجليل لاختلاط الرجال بالنساء ..
الدليل الثامن والأربعون : معنى بكة :
قال أبو جعفر الطبري في كتاب التفسير :
وأما قوله : " للذي ببكة مباركا " ، ، فإنه يعني : للبيت الذي بمُزْدَحم الناس لطوافهم في حجهم وعمَرهم.
* * *
وأصل " البكّ " : الزحم ، يقال : منه : " بكّ فلانٌ فلانًا " إذا زحمه وصدمه - " فهو يَبُكه بَكًّا ، وهم يتباكُّون فيه " ، يعني به : يتزاحمون ويتصادمون فيه. فكأن " بَكَّة " " فَعْلة " من " بَكَّ فلان فلانًا " زحمه ، سُميت البقعة بفعل المزدحمين بها.
* * *
فإذا كانت " بكة " ما وصفنا ، وكان موضع ازدحام الناس حَوْل البيت ، وكان لا طوافَ يجوز خارج المسجد كان معلومًا بذلك أن يكون ما حَوْل الكعبة من داخل المسجد ، وأن ما كان خارجَ المسجد فمكة ، لا " بكة " . لأنه لا معنى خارجَه يوجب على الناس التَّباكَّ فيه. وإذْ كان ذلك كذلك ، كان بيّنًا بذلك فسادُ قول من قال : " بكة " اسم لبطن " مكة " ، ومكة اسم للحرم. (1) .
* * *
*ذكر من قال في ذلك ما قلنا : من أن " بكة " موضع مزدحم الناس للطواف :
__________
(1) انتهى جزء من التقسيم القديم ، وفي المخطوطة ما نصه :
" يتلوهُ ذكر مَنْ قال في ذلك ما قُلنا من أن بكة موضع مزدحم الناس للطواف والحمد لله على عونه وإحسانه ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم تسليمًا " ثم يتلوه ما نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ يَسِّر
أَخبرنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان البغدادي قال حدثنا محمد بن جرير " فأعاد إسناد المخطوطة التي نقل عنها ، كما سلف في تعليقنا 6 : 495 ، 496 رقم : 5 ، وهذا هو الموضع الثاني لذكر هذا الإسناد الجديد.
(7/23)
______________________________ __________
7435 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، : حدثنا هشيم ، عن حصين ، عن أبي مالك الغفاري في قوله : " إن أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة " قال ، " بكة " موضع البيت ، " ومكة " ما سوى ذلك.
7436 - حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم مثله.
7437 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن أبي جعفر قال : مرت امرأة بين يدي رجل وهو يصلي وهي تطوف بالبيت ، فدفعها. قال أبو جعفر : إنها بَكَّةٌ ، يبكّ بعضُها بعضًا.
7438 - حدثنا ابن المثني قال : حدثنا عبد الصمد قال ، : حدثنا شعبة قال ، حدثنا سلمة ، عن مجاهد قال : إنما سميت " بكة " ، لأن الناس يتباكُّون فيها ، الرجالَ والنساءَ.
7439 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حماد ، عن سعيد قال ، قلت لأي شيء سُميت " بكة " ؟ قال : لأنهم يتباكُّون فيها قال : يعني : يزدحمون. (1)
7440 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الأسود بن قيس ، عن أبيه ، عن ابن ال*****ر قال ، إنما سميت " بكة " ، لأنهم يأتونها حُجّاجًا. (2)
7441 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " إنّ أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا " ، فإن الله بَكَّ به الناس جميعًا ، فيصلي النساءُ قدّام الرجال ، ولا يصلح ببلد غيره.
7442 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة : " بكة " ، بكّ الناس بعضهم بعضًا ، الرجال والنساء ، يصلي بعضُهم بين يدَيْ بعض ، لا يصلح ذلك إلا بمكة.
__________
(1) في المطبوعة : " يتزاحمون " ، وأثبت ما في المخطوطة.
(2) الأثر : 7440 - " الأسود بن قيس العبدي " ، روى عن أبيه وجماعة ، وروى عنه شعبة والثوري وشريك وغيرهم. وأبوه : " قيس العبدي " الكوفي ، مترجم في الكبير 4 / 1 / 149. وكان في المطبوعة والمخطوطة : " عن أخيه " ، وهو تصحيف والصواب ما أثبت.
(7/24)
______________________________ __________
7443 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي قال : " بكة " ، موضع البيت ، و " مكة " : ما حولها.
7444 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، أخبرني يحيى بن أزهر ، عن غالب بن عبيد الله : أنه سأل ابن شهاب عن " بكة " قال ، " بكة " البيت ، والمسجد. وسأله عن " مكة " ، فقال ابن شهاب : " مكة " : الحرم كله.
7445 - حدثنا الحسين قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا حجاج ، عن عطاء ومجاهد قالا " بكة " : بكّ فيها الرجالَ والنساءَ.
7446 - حدثني عبد الجبار بن يحيى الرملي. قال : قال ضمرة بن ربيعة ، " بكة " : المسجد ، . و " مكة " : البيوت. (1)
__________
(1) الأثر : 7446 - " عبد الجبار بن يحيى الرملي " شيخ الطبري ، مضى برقم : 7425.
(2) هذا كلام الفراء في معاني القرآن 1 : 227.
(3) " الخروج " هنا ، كأنه الحال ، وقد سلف في 5 : 253 ، 254 ما يشبه أن يكون أيضا بمعنى الحال. وانظر ما سلف 6 : 586 " أن الحال يجيء بعد فعل قد شغل بفاعله ، فينصب كما ينصب المفعول الذي يأتي بعد الفعل الذي شغل بفاعله " .
( 7 /25)
قلت : ونستفيد من معنى بكة واختصاص الحرم بمزاحمة الرجال للنساء أن الأصل في الإسلام أن النساء لا يتزاحمن ويخالطن الرجال . والله أعلم
الدليل التاسع والأربعون :
قوله تعالى : {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} {حُورٌ} جمع حوراء ، وهي الشديدة بياض العين الشديدة سوادها وقد تقدم. {مَقْصُورَاتٌ} محبوسات مستورات {فِي الْخِيَامِ} في الحجال لسن بالطوافات في الطرق ، قاله ابن عباس. ( تفسير القرطبي (17/188))
فإذا كان نساء الجنة لا يخالطن الرجال ومستورات في الخيام دل ذلك على أن نساء المسلمين لا يخالطن الرجال ويلزمن بيوتهن , ودل كذلك على أن عدم مخالطة الرجال والقرار في البيت صفة كمال للمرأة لا صفة نقص كما يقول دعاة السفور والاختلاط .. نسأل الله السلامة والعافية ..
باب من وراء حجاب
50 - أنه أتى عائشة فقال لها : يا أم المؤمنين ، إن رجلا يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في المصر ، فيوصي أن تقلد بدنته ، فلا يزال من ذلك اليوم محرما حتى يحل الناس ، قال : فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب ، فقالت : لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيبعث هديه إلى الكعبة ، فما يحرم عليه مما حل للرجل من أهله ، حتى يرجع الناس .
رواه البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 5566
خلاصة الدرجة: [صحيح]
51 - كان مروان على الحجاز ، استعمله معاوية ، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا ، فقال : خذوه ، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا ، فقال مروان : إن هذا الذي أنزل الله فيه : { والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني } . فقالت عائشة من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن ، إلا أن الله أنزل عذري .
رواه البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 4827
خلاصة الدرجة: [صحيح]
52 - سمعت عائشة ، وهي من وراء الحجاب تصفق وتقول : كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي . ثم يبعث بها . وما يمسك عن شيء مما يمسك عنه المحرم . حتى ينحر هديه .
رواه مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1321
خلاصة الدرجة: صحيح
53 - اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبدالمطلب . فقالا : والله ! لو بعثنا هذين الغلامين ( قالا لي وللفضل بن عباس ) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه ، فأمرهما على هذه الصدقات ، فأديا ما يؤدي الناس ، وأصاب مما يصيب ؟ .... ( الحديث ) قال : فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه . قال : وجعلت زينب تلمع علينا من وراء الحجاب أن لاتكلماه . قال : ثم قال : " إن الصدقة لاتنبغي لآل محمد . إنما هي أوساخ الناس . أدعوا لي محمية ( وكان على الخمس ) ونوفل بن الحارث بن عبدالمطلب " . قال : فجاءاه . فقال لمحميه " أنكح هذا الغلام ابنتك " ( للفضل بن عباس ) فأنكحه . وقال لنوفل بن الحارث " أنكح هذا الغلام ابنتك " ( لي ) فأنكحني وقال لمحمية " أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا " .
رواه مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1072
خلاصة الدرجة: صحيح
54 - لما أهديت فاطمة إلى علي بن أبي طالب لم نجد في بيته إلا رملا مبسوطا ووسادة حشوها ليف وجرة وكوزا فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحدثن حدثا أو قال لا تقربن أهلك حتى آتيك فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ..... ( الحديث ) ثم رأى سوادا من وراء الستر أو من وراء الباب فقال من هذا قالت أسماء قال أسماء بنت عميس قالت نعم يا رسول الله قال جئت كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت نعم إن الفتاة ليلة يبنى بها لا بد لها من امرأة تكون قريبا منها إن عرضت لها حاجة أفضت ذلك إليها قالت فدعا لي بدعاء إنه لأوثق عملي عندي ثم قال لعلي دونك أهلك ثم خرج فولى فما زال يدعو لهما حتى توارى في حجره
رواه الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 9/212
خلاصة الدرجة: رجاله رجال الصحيح
في النكت والعيون :
({ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعآء } والصدور الانصراف ، ومنه الصدر لأن التدبير يصدر عنه ، والمصدر لأن الأفعال تصدر عنه . والرعاء جمع راع .
وفي امتناعهما من السقي حتى يصدر الرعاء وجهان :
أحدهما : تصونا عن الاختلاط بالرجال .
الثاني : لضعفهما عن المزاحمة بماشيتهما .
{ وأبونا شيخ كبير } وفي قولهما ذلك وجهان
: أحدهما : أنهما قالتا ذلك اعتذارا إلى موسى عن معاناتهما سقي الغنم بأنفسهما .
الثاني : قالتا ذلك ترقيقا لموسى ليعاونهما ). (3/270)
في البحر المديد :
( { قالتا لا نسقي } غنمنا { حتى يصدر الرعاء } ، أي : يصرفوا مواشيهم ، يقال : أصدر عن الماء وصدر ، والمضارع : يصدر ويصدر ، والرعاء : جمع راع ، كقائم وقيام ، والمعنى : لا نستطيع مزاحمة الرجال ، فإذا صدروا سقينا مواشينا ..
{ فسقى لهما } أي : فسقى غنمهما لأجلهما؛ رغبة في المعروف وإغاثة الملهوف ، روي أنه نحى القوم عن رأس البئر ، وسألهم دلوا ، فأعطوه دلوهم ، وقالوا : استق به ، وكانت لا ينزعها إلا أربعون ، فاستقى بها ، وصبها في الحوض ، ودعا بالبركة . وقيل : كانت آبارهم مغطاة بحجار كبار ، فعمد إلى بئر ، وكان حجرها لا يرفع إلا جماعة ، فرفعه وسقى للمرأتين .
ووجه مطابقة جوابهما سؤاله : أنه سألهما عن سبب الذود ، فقالتا : السبب في ذلك أن امرأتان مستورتان ضعيفتان ، لا نقدر على مزاحمة الرجال ، ونستحي من الاختلاط بهم ، فلا بد لنا من تأخير السقي إلى أن يفرغوا ).
(4/422)
الدليل الخامس والخمسون :
ما نقله الحافظ ابن الجوزي عن أبي سلامة رحمه الله قال:
(انتهيت إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يضرب رجالاً ونساءً في الحَرَم ، على حوضٍ يتوضئون منه ، حتى فرَّق بينهم ، ثم قال: يا فلان. قلتُ: لبيك وسعديك ، قال: لا لبيك ولا سعديك ، ألم آمرك أن تتخذ حياضاً للرجال وحياضاً للنساء ؟! )
الدليل السادس والخمسون :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الفذ الإستقامة :
وقد كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه التمييز بين الرجال والنساء والمتأهلين والعزاب
وكذلك لما قدم المهاجرون المدينة كان العزاب ينزلون دارا معروفة لهم متميزة عن دور المتأهلين فلا ينزل العزب بين المتأهلين وهذا كله لأن اختلاط أحد المصنفين بالآخر سبب الفتنة فالرجال إذا اختلطوا بالنساء كان بمنزلة اختلاط النار والحطب .
57 - قصة سهلة بنت سهيل امرأة أبي حذيفة:
والشاهد فيها أنها "جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يارسول الله! إنا كنا ندعو سالما ابناً، وإن الله قد أنزل ما أنزل، وإنه كان يدخل علي..." الحديث
في فيض القدير قال :
( أصل قصة سالم ما كان وقع من التبني الذي أدى إلى اختلاط سالم بسهلة ، فلما نزل الاحتجاب ومنعوا من التبني شق ذلك على سهلة فوقع الترخيص لها في ذلك لرفع ما حصل لها من المشقة )(14/346)
فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على عدم الاختلاط معها بذلك التبني بعد نزول القرآن، وأمرها بإرضاعه خمس رضعات لتحرم عليه".
فإذا كان لايجوز الاختلاط مع من يقوم مقام الابن مالم يكن محرماً، فكيف يسوغ الاختلاط بغيره.
58- قوله عليه الصلاة والسلام : "على رسلكما إنها صفية" رواه البخاري في الصحيح 3/1159رقم (3107)، ومسلم 4/1712 برقم (2174).
وفيه أن صفية –رضي الله عنها- زارته في معتكفه، فأرادت أن تنقلب فقال لها: لا تعجلي حتى أنصرف معك. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، معها فمر رجلان من الأنصار، فلمارأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنها صفية بنت حيي. قالا: سبحان الله يا رسول الله! قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً.
وقد أورده البيهقي في الشعب تحت فصل فيمن أبعد نفسه عن مواضع التهم5/321.
وقال الإمام الشافعي –رحمه الله- : "أراد عليه السلام أن يعلم أمته التبري من التهمة في محلها، لئلا يقعا في محذور، وهما كانا أتقى لله من أن يظنا بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً" انظر تفسير ابن كثير سورة البقرة }ولاتباشروهن وأنتم عاكفون..{ الآية 1/225.
وقال الماوردي: "فما كل ريبة ينفيها حسن الثقة. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أبعد خلق الله من الريب وأصونهم من التهم، وقف مع زوجته صفية ذات ليلة على باب مسجد، يحادثها وكان معتكفاً، فمر به رجلان من الأنصار، فلما رأياه أسرعا. فقال لهما: على رسلكما إنها صفية بنت حيي. فقالا: سبحان الله! أوفيك شك يارسول الله؟ فقال: مه، إن الشيطان يجري من أحدكم مجرى لحمه ودمه، فخشيت أن يقذف في قلبيكما سوءاً".
ثم قال الماوردي: "فكيف من تخالجت فيه الشكوك، وتقابلت فيه الظنون، فهل يَعْرَى مَنْ في مواقف الرِّيَبِ مِنْ قادحٍ مُحَقَّق، ولائمٍ مُصدَّق" أدب الدنيا والدين ص327.
والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم، قرر أن خلطة الرجل بالمرأة موطن ريبة، ومحل تهمة، مع أن هذه الخلطة كانت عند المسجد، وفي محل عام مطروق، وزمانها ليلة من ليال العشر الأواخر من رمضان( انظر عمدة القاري 5/321) ، مع امرأة مضروب عليها الحجاب الكامل بغير خلاف لكونها من أزواجه، صلى الله عليه وسلم، أضف إلى ذلك الأصول المقررة؛ كعصمة النبي صلى الله عليه وسلم، ورسوخ إيمان صحابته، رضوان الله تعالى عليهم.
كل ذلك لم يبرر ترك بيان أن الاختلاط بالنساء موضع تهمة، ومحل شبهة.
59- قوله صلى الله عليه وسلّم: «إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان»
قال العلماء: معناه الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له، ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها أن لا تخرج بين الرجال إلا لضرورة، وأنه ينبغي للرجال الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقاً. (شرح النووي على صحيح مسلم 9/ 150)
60 - قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه إلا على أم سليم فإنه كان يدخل عليها فقيل له في ذلك فقال: إني أرحمها قتل أخوها معي)
قال العلماء: أراد امتناع الأمة من الدخول على الأجنبيات (شرح النووي على صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة 16/ 9)
وأما سبب دخول الرسول عليه الصلاة والسلام على أم سليم دون غيرها من النساء , فهو لأنها خالته من الرضاعة , ومن أراد المزيد حول ذلك , فليراجع هذا الرابط :
**Internal Linking (Threads)
**Internal Linking (Threads)
61- (481)مالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَفْلَـحَ أَخَا أَبِـي الْقُعَيْسِ، جَاءَ يَسْتَأَذِنُ عَلَـيْهَا، وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْـحِجَابُ، قَالَتْ فَأَبَـيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَـمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّه ، أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِـي أَنْ آذَنَ لَهُ عليّ (30 ـ 3).
قال الإمام ابن عبدالبر :
( فـي هذا الـحديث دلـيل علـى أن احتـجاب النساء من الرجال لـم يكن فـي أول الإسلام، وأنهم كانوا يرون النساء، ولا يستتر نساؤهم عن رجالهم، إلا بمثل ما كان يستتر رجالهم عن رجالهم، حتـى نزلت آيات الـحجاب) انتهى. (التمهيد 6/ 235)
قال ابن جرير في تفسيره. المعنى لا يأذن لأحد من الرجال الأجانب أن يدخل عليهن فيتحدث إليهن، وكان من عادة العرب لا يرون به بأساً، فلما نزلت آية الحجاب نهى عن محادثتهن والقعود ( عون المعبود شرح سنن أبي داوود 5/ 360 )
62 - منع المخنث من الدخول على الأجنبيات , فمن باب أولى منع مكتملي القوة والنشاط من الرجال :
قال النووي: ( في الحديث منع المخنث من الدخول على النساء ومنعهن من
الظهور عليه وبيان أن له حكم الرجال الفحول الراغبين في النساء في هذا المعنى، وكذا حكم الخصي والمجبوب ذكره ) انتهى.( عون المعبود شرح سنن أبي داوود كتاب اللباس 11/ 165)
وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح :
( وأما المجبوب الذي جف ماؤه فبعض مشايخنا جوزوا اختلاطه بالنساء والأصح أنه لا يرخص ويمنع ) انتهى (10/63)
63- عن عائشة: كان عليه الصلاة والسلام، يصلي الصبح بغلس، فتنصرف نساء المؤمنين، لا يعرفن من الغلس، أو لا يعرف بعضهن بعضا.
قال الإمام ابن بطال :
(1)/216 -
( هذه السنة المعمول بها أن تنصرف النساء فى الغلس قبل الرجال ليخفين أنفسهن، ولا يتبين لمن لقيهن من الرجال، فهذا يدل أنهن لا يقمن فى المسجد بعد تمام الصلاة، وهذا كله من باب قطع الذرائع، والتحظير على حدود الله، والمباعدة بين الرجال والنساء خوف الفتنة ودخول الحرج، ومواقعة الإثم فى الاختلاط بهن) انتهى .
هذا والله اعلم .
المصدر: منتديات كبرياء الخليج - جميع نوادر الإنترنت هنا - من قسم: منتدى الدين الإسلامي الحنيف
الحمدالله رب العالمين وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
رأيت أن أضع موضوعاً حول الإختلاط متجدد فيه كل ما يتعلق حول الإختلاط من شبهات وأدلة
وأقوال العلماء وبالله التوفيق والمنة
اولاً :
أكثر من خمسين دليلاً على تحريم الإختلاط :
الأدلة من القرآن الكريم :
قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ(33) } سورة القصص.
في الآية أربعة أدلة على المنع من الاختلاط ..
1 - قوله تعالى : ( من دونهم ) إشارة إلى أنهن كن بعيدات منعزلات غير مختلطات بالرجال .
2- قوله تعالى : ( تذودان ) أي يمنعن غنمهما من أن يذهبن إلى غنم القوم فيؤدي إلى اقترابهما من الرجال.
3- قوله تعالى : ( لا نسقي حتى يصدر الرعاء ) تأكيد ورفض منهن أن يسقين الغنم وهن مختلطات بالرجال.
4- قوله تعالى : ( وأبونا شيخ كبير ) أي يردن القول بأنهن لم يكن ليخرجن للسقيا لولا أن والدهما شيخ كبير في السن ولا يوجد أحد يقوم مقامه في السقيا فاضطررن للخروج ..
5- قال تعالى : ( فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك )
قال عمر رضي الله عنه: جاءت تمشي على استحياء قائلة بثوبها على وجهها، ليست بسلفع خراجة ولاجة. هذا إسناد صحيح.( تفسير ابن كثير 6/ 204)
6- قوله تعالى : (وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن )
قال الشيخ صالح الفوزان : لأن الحجاب يمنع الاختلاط بين الرجال والنساء ويجعل النساء منعزلات من ورائه عنهم حال سؤالهم لهن ـ ومثله قوله تعالى عن مريم (فاتخذت من دونهم حجابا) أي ساتراً يعزلها عن اختلاطها بقومها.أ.هـ
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية : أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب .
والآية عامة في جميع النساء وليست خاصة بأمهات المؤمنين , ويمكنكم مراجعة هذا الرابط ففيه بيان هذه المسألة : **Internal Linking (Threads)
**Internal Linking (Threads)
7- قال تعالى : (( وراودته التي هو في بيتها عن نفسه ، وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون )) [يوسف:23].
قال الشيخ محمد بن إبراهيم : وجه الدلالة : أنه لما حصل اختلاط بين إمرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه السلام ظهر منها ما كان كامناً فطلبت منه أن يوافقها ، ولكن أدركه الله برحمته فعصمه منها ، وذلك في قوله تعالى : (( فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم )) [يوسف:34] وكذلك إذا حصل اختلاط بالنساء اختار كل من النوعين من يهواه من النوع الآخر ، وبذلك بعد ذلك الوسائل للحصول عليه .
8- قال تعالى : (( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن )) [النور:31].
وجه الدلالة أنه تعالى منع النساء من الضرب بالأرجل وإن كان جائزاً في نفسه لئلا يكون سبباً إلى سماع الرجال صوت الخلخال فيثير ذلك دواعي الشهوة منهم عليهن، فمن باب أولى أن يمنع الاختلاط لما يؤدي إليه من الفساد العريض وظهور لكامل زينة المرأة في حدث يومي متكرر .
9- قوله تعالى : (( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور )) [غافر:19]
فسرها ابن عباس وغيره : هو الرجل يدخل على أهل البيت بيتهم ، ومنهم المرأة الحسناء وتمر به ، فإذا غفلوا لحظها ، فإذا فطنوا غض بصره عنها ، فإذا غفلوا لحظ ، فإذا فطنوا غمض ، وقد اطلع إليه من قلبه أنه لو اطلع على فرجها ، وأنه لو قدر عليها فزنى بها .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم : وجه الدلالة: أن الله تعالى وصف العين التي تسارق النظر إلى مالا يحل النظر إليه من النساء بأنها خائنة ، فكيف بالاختلاط .
10 - أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن ، قال تعالى : (( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )) الآية [الأحزاب:23] .
قال مجاهد في تفسير قوله تعالى ( ولاتبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) : كانت المرأة تخرج فتمشي بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية ( الطبقات الكبرى تسمية النساء المسلمات 8/ 157 )
قال الشيخ محمد بن إبراهيم : وجه الأدلة : أن الله تعالى أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن ، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين ، لما تقرر في علم الأصول أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه ، وليس هناك دليل يدل على الخصوص ، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن ، فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق ؟ . على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء ، وخلعهن جلبات الحياء ، واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم ، وقل الوزاع عن من أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم .
الأدلة من السنة النبوية :
فتنة النساء
11 - قال صلى الله عليه وسلم: (ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء) رواه البخاري ومسلم. فوصفهن بأنهن فتنة فكيف يجمع بين الفاتن والمفتون.
قال ابن عبدالبر : وفـيه دلـيل علـى أن الإمام يجب علـيه أن يحول بـين الرجال والنساء فـي التأمل والنظر، وفـي معنى هذا منع النساء اللواتـي لا يؤمن علـيهن ومنهن الفتنة من الـخروج والـمشي فـي الـحواضر والأسواق، وحيث ينظرن إلـى الرجال. (التمهيد 9/ 122)
12 - قال صلى الله عليه وسلم: (.. فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) رواه مسلم.
قال اشيخ محمد بن إبراهيم : فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم باتقاء النساء وهو يقتضي الوجوب. فكيف يحصل الامتثال مع الاختلاط ؟ هذا لا يجوز .
باب حضور النساء صلاة الجماعة في المسجد :
13 - الأفضل للنساءصلاتهن في قعر بيوتهن ,ففي فيض الباري شرح صحيح البخاري 3/ 48 قال الكشميري رحمه الله : واعلم أن ههنا سِرًّا وهو أَني لم أَرَ في الشريعة تَرغيبًا لهن في حضورهن الجماعة، بل عند أبي داود ما يخالِفُه،فعن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا قال: «صلاةُ المرأةِ في بيتِها أَفْضَلُ مِن صلاتها في حُجْرَتِها، وصلاتُها في مَخْدَعِها أَفْضَلُ مِن صلاتِها في بيتها». ا ه. وهذا يدلُّ على أنَّ مَرْضَى الشَّرْع أن لا يَخْرُجن إلى المساجدِ.
14 - وفي حديث آخر: «إنْكان لا بُدَّ لَهُنَّ مِن الخروجِ فليخرجن تَفِلاتٍ بدونِ زينةٍ، فلايَتَعَطَّرْنَ، فإِن فَعَلْن فهنَّ كذا وكذا».
قال الكشميري في فيض الباري : يعني زوانٍ. فهذه إباحةٌ لا عن رضاءٍ منه، كإباحة الفاتحة للمُقْتَدين. فلم يرغِبْهُنَّ في الخروج، ونهى الأزواجَ عن مَنْعِهنَّ عن الخروج أيضًا.
قال ابن دقيق العبد : فيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم ، وربما يكون سبباً لتحريك شهوة المرأة أيضاً ، قال: ويلحق بالطيب مافي معناه كحسن الملبس والحلي الذي يظهر أثره والهيئة الفاخرة ، قال الحافظ ابن حجر : وكذلك الاختلاط بالرجال ، وقال الخطابي في ( معالم السنن ) : التفل سوء الرائحة ، يقال : امرأة تفلة إذا لم تتطيب ، ونساء تفلات .
15- أنه صلى الله عليه وسلم نحى صفوف النساء عن الرجال في أطهر البقاع، بل في مسجده صلى الله عليه وسلم، وقال (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)
قال النووي رحمه الله: وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن عن مخالطة الرجال"
قال السندي رحمه الله : قوله: «خير صفوف الرجال» أي أكثرها أجراً «وشرها» أي أقلها أجراً وفي النساء بالعكس وذلك لأن مقاربة أنفاس الرجال للنساء يخاف منها أن تشوش المرأة على الرجل والرجل على المرأة ثم هذا التفصيل في صفوف الرجال على إطلاقه وفي صفوف النساء عند الاختلاط بالرجال كذا قيل ويمكن حمله على إطلاقه لمراعاة الستر فتأمل والله تعالى أعلم.(شرح السندي على السنن الصغرى 1/ 366)
16 - ليس هذا فحسب بل خصص للنساء باب خاص لا يلج منه الرجال..
روى أبو داود الطيالسي في " سننه " وغيره عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل بابا للنساء ، وقال : " لا يلج من هذا الباب من الرجال أحدا " .
وروى البخاري في " التاريخ الكبير " عن ابن عمر رضي الله عنهما ، عن عمر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تدخلوا المسجد من باب النساء".
ووجه الدلالة :
أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال والنساء في أبواب المساجد دخولا وخروجا ، ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد سدا لذريعة الاختلاط . فإذا منع الاختلاط في هذه الحال ، ففيه ذلك من باب أولى .
17- وليس هذا فحسب بل كما ثبت في الحديث : (كُنَّ إذا سَلَّمْنَ مِنْ المَكْتوبةِ قُمْنَ، وَثَبت رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم وَمَنْ صَلَّى مِن الرِّجَالِ)
قال الكشميري وذلك لئلا يلزمَ الاختلاطُ في الطريق. (فيض الباري شرح صحيح البخاري3/ 48) وهكذا تتابعت تعليقات العلماء والفقهاء على هذا الحديث بأن فعل ذلك عليه الصلاة والسلام حتى لا يختلط الرجال بالنساء ..
18- ليس هذا فحسب بل ثبت ـ عن مالك بن ربيعة - رضي الله عنه- أَنَّهُ " سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ فقال رسول الله صلى الله علي وسلم للنساء : ليس لَكُنَّ أن تحققن بالطريق . عليكن بحافات الطريق ، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالشيء في الجدار من لصوقها به "
باب حضور النساء صلاة العيد :
19 - إن النساء كن يحضرن الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن يختلطن بالرجال بل كن معزولات عن الرجال عن عبدالرحمن بن عابس قال: سمعت ابن عباس قيل له: أشهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ولولا مكاني من الصغر ما شهدته حتى أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت، فصلى ثم خطب ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة. رواه البخاري.
قال ابن حجر: قوله: (ثم أتى النساء) يشعر بأن النساء كن على حدة من الرجال غير مختلطات بهم.
20 - وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَرَج ومعه بلال فظنّ أنه لم يسمع فوعظهن وأمَرَهنّ بالصدقة .
وفي رواية للبخاري : ثم أقبل يشقهم حتى جاء النساء معه بلال .
فهذا يدل على أنه شقّ صفوف الرجال حتى أتى صفوف النساء في مؤخِّرة المصلى .
ولو كُنّ جنبا إلى جنب مع الرِّجال لما احتاج الأمر إلى أن يُسمعهنّ ، ولما شق صفوف الرِّجال حتى يأتي النساء .
21- ولما قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : غلبنا عليك الرجال ، فاجعل لنا يوما من نفسك . فوعدهن يوما لقيهن فيه ، فوعظهن وأمرهن . رواه البخاري .
وقد نص الفقهاء على المنع من اختلاط الرجال بالنساء في المسجد، لما يترتب عليه من المفاسد ( انظر انظر مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 2/258، وغذاء الأباب في شرح منظومة الآداب 2/314.) ومنه الاختلاط لأجل طلب العلم .
باب التفريق بين الأولاد وهم أبناء عشر
22- قال صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع)
قال الشيخ محمد بن إبراهيم : فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتفريق بين الأولاد وعدم اختلاط ذكوراً أو إناثاً أو ذكورا وإناثا مع أنهم أبناء عشر سنين فكيف بمن هم أكبر منهم. وهذا تنبيه بالأدنى على الأعلى.
باب الحج :
23- قال صلى الله عليه وسلم لأم سلمة رضي الله عنها: (طوفي من وراء الناس وأنت راكبة) رواه البخاري.
قال النووي : إنما أمرها صلى الله عليه وسلّم بالطواف من وراء الناس لشيئين: أحدهما أن سنة النساء التباعد عن الرجال في الطواف. (شرح النووي على صحيح مسلم 90 16 )
24- لقد فقه الصحابة رضي الله عنهم هذه الأدلة الدالة على تحريم الاختلاط وامتثلوا لها فاجتنبوه ومنعوه.
ومن ذلك ما روي أنه دخلت على أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها مولاة لها فقالت لها: (يا أم المؤمنين طفت بالبيت سبعاً واستلمت الركن مرتين أو ثلاثاً فقالت لها عائشة: لا آجرك الله خيراً لا آجرك الله خيراً تدافعين الرجال؟! ألا كبرت ومررت)، وعائشة رضي الله عنها تعد من الفقيهات بل إن الصحابة رضي الله عنهم يرجعون إليها في الأمور التي تشكل عليهم.
قال أبو عمر ابن عبدالبر : الاستلام للرجال دون النساء عن عائشة، وعطاء وغيرهما ، وعليه جماعة الفقهاء. ( التمهيد 22/ 258 )
25- وعن ابن جريج أنه قال أخبرني عطاء أن عائشة رضي الله عنها كانت تطوف بالبيت حجرة من الرجال لا تخالطهم.
26- ولما وقع في عهد عمر رضي الله عنه شيء من اختلاط الرجال بالنساء في الطواف نهى أن يطوف الرجال مع النساء، فرأى رجلاً معهن فضربه بالدرة.( رواه الفاكهي في أخبار مكة(484).).
27 - وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه) فهذه حال الصحابيات مع الفقيهة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهم أجمعين الابتعاد عن الرجال وعدم الاختلاط بهم.
28- قال الحافظ ابن حجر: روى الفكهاني من طريق زائدة عن إبراهيم النخعي قال: نهى عمر أن يطوف الرجال مع النساء، قال فرأى رجلا معهن فضربه بالدرة.
29- وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال مستنكراً اختلاط النساء بالرجال: ألا تستحون ألا تغارون أن يخرج نساؤكم؟ فإني بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج.
باب من وراء حجاب
30 - قال مسروق : سمعت عائشة وهى من وراء الحجاب . رواه البخاري ومسلم .
31- وعند البخاري من طريق يوسف بن ماهك قال : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يُبايَع له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا ، فقال : خذوه ! فدخل بيت عائشة ، فلم يقدروا ، فقال مروان : إن هذا الذي أنزل الله فيه : (وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي) فقالت عائشة - من وراء الحجاب - : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عُذري .
فالشاهد أن عائشة رضي الله عنها كانت تُكلِّم الناس من وراء حجاب .
32- قال الإمام البخاري في ترجمة عبد الله أبي الصهباء الباهلي : ورأى سِتْر عائشة رضي الله عنها في المسجد الجامع ، تُكَلِّم الناس من وراء السِّتر ، وتُسأل من ورائه . اهـ .
- وليس هذا مختصاً بأمهات المؤمنين بل كانت النساء إذا تعلّمن أو عَلّمن يكون ذلك من وراء حجاب .
ففي ترجمة الحرّة البسطامية : وكان يُقرأ عليها من وراء السِّتر .
33- وكانت النساء يَكُنّ من وراء الستور .
ففي المسند عن عبد الله أبي عبد الرحمن قال : سمعت أبي يقول : جاء قوم من أصحاب الحديث فاستأذنوا على أبي الأشهب ، فأذن لهم فقالوا : حَدِّثنا . قال : سلوا . فقالوا : ما معنا شيء نسألك عنه ، فقالت ابنته - من وراء السِّـتْر - : سَلُوه عن حديث عرفجة بن أسعد أُصيب أنفه يوم الكُلاب .
والشواهد كثيرة على أن مجالس سلف هذه الأمة وخيارها لم تكن مفتوحة على بعض بل كان بينها السّتور .
كما أن نساء هذه الأمة لم يَكنّ يتعلّمن أو يَتعلّمن إلا من وراء حجاب وسِتر .
الأمر بغض البصر دليل على المنع من الاختلاط :
34- أمر الله الرجال بغض البصر ، وأمر النساء بذلك فقال تعالى : (( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن )) [النور:30-31].
فلو كان الاختلاط سائغاً في الشرع لكان في هذه الأوامر الربانية تكليف بما لا يطاق؛ إذ كيف تختلط المرأة بالرجل، وتجلس بجواره في العمل أو الدراسة، ولا ينظر كل واحد منهما للآخر وهما يتبادلان الأعمال والأوراق والدروس؟!
35- روى أبو هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطأ " متفق عليه ، واللفظ لمسلم .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم : وإنما كان زناً لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها ، فتعلق في قلبه ، فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها . فإذا نهى الشارع عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط ، فكذلك الاختلاط ينهى عنه لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه .
36- حديث أبي سعيد رضي الله عنه وفيه ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن من حق الطريق: (غض البصر)( رواه البخاري(2333) ومسلم(2121).).
فإذا كان غض البصر واجباً على الرجال إذا مرت بمجلسهم في الطريق امرأة مروراً عابراً ، فكيف يسوغ لبعض الناس أن يزعموا أن شريعة الله تعالى لا تُمانع من اختلاط الرجال بالنساء يومياً في مكان مغلق الساعات الطوال ؟!
37- حديث جَرِيرِ بن عبد الله قال: (سَأَلْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عن نَظَرِ الْفُجَاءَةِ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي)( رواه مسلم(2159).).
38- حديث بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: ( يا عَلِيُّ لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فإن لك الْأُولَى وَلَيْسَتْ لك الْآخِرَةُ)( رواه أبو داود(2149) وصححه ابن حبان(5570)).
قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله : فكيف يحصل غض البصر وحفظ الفرج وعدم إبداء الزينة عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلاطها معهم في الأعمال ؟ والاختلاط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير .
وكيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي تسير مع الرجل الأجنبي جنبا إلى جنب بحجة أنها تشاركه في الأعمال أو تساويه في جميع ما يقوم به ؟ . انتهى
باب
39 - حديث عُقْبَةَ بن عَامِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ على النِّسَاءِ)( رواه البخاري(4934) ومسلم(2172)).
فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يحذر الرجال من الدخول على النساء فكيف إذاً بالمكث عندهن وأمامهن وبجوارهن في ساعات العمل والدراسة وغيرها كل يوم؟!
40 ـ أن الاختلاط بين النساء والرجال سبب لافتتان بعضهم ببعض وما كان وسيلة إلى الحرام فهو حرام. ولذلك قال الموفق ابن قدامة في المغني (3/372) إنه يستحب تأخير طواف المرأة إلى الليل ليكون أستر لها. ولا يستحب لها مزاحمة الرجال لاستلام الحجر. لكن تشير بيدها إليه كالذي لا يمكنه الوصول إليه.
41 - جاءت أسماء بنت السكن الأنصارية الأشهلية رضي الله عنها الملقبة بخطيبة النساء إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، إن الله بعثك للرجال وللنساء كافة فآمنا بك وبإلهك، وإنا معشر النساء محصورات، مقصورات مخدورات، قواعد بيوتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجُمَع والجماعات، وفضلتم علينا بشهود الجنائز، وعيادة المرضى، وفضلتم علينا بالحج بعد الحج، وأعظم من ذلك الجهاد في سبيل الله. وإن الرجل منكم إذا خرج لحجٍ أو عمرةٍ أو جهادٍ؛ جلسنا في بيوتكم نحفظ أموالكم، ونربي أولادكم، ونغزل ثيابكم، فهل نشارككم فيما أعطاكم الله من الخير والأجر؟ فالتفت النبي بجملته وقال: ((هل تعلمون امرأة أحسن سؤالاً عن أمور دينها من هذه المرأة؟)) قالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تسأل سؤالها. فقال النبي : ((يا أسماء، افهمي عني، أخبري من وراءك من النساء أن حسن تبعل المرأة لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لرغباته يعدل ذلك كله)) فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر وتردد: يعدل ذلك كله، يعدل ذلك كله.(أخرجه ابن عبد البر في: الاستيعاب (4-1788)، والبيهقي في: شعب الإيمان (8743)، وفي إسناده مسلم بن عبيد الراوي عن أسماء لم أجد له ترجمة. )
ووجه الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم امتدح فقهها رضي الله عنها وقد وصفت النساء بأنهن محصورات مقصورات مخدورات قواعد ..
42-استأذنت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد ، فقال : جهادكن الحج . رواه البخاري .
وفي رواية عن عائشة أم المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله نساؤه عن الجهاد ، فقال : نِعْم الجهاد الحج . رواه البخاري .
قال ابن بطال: هذا دال على أن النساء لا جهاد عليهن، وأنهن غير داخلات في قوله تعالى: {انفروا خفافاً وثقالاً} (التوبة: 14). وهو إجماع، وليس في قوله: «جهادكن الحج» أنه ليس لهن أن يتطوعن به، وإنما فيه أنه الأفضل لهن، وسببه أنهن لسن من أهل القتال للعدو، ولا قدرة لهن عليه ولا قيام به، وليس للمرأة أفضل من الاستتار وترك مباشرة الرجال بغير قتال، فكيف في حال القتال التي هي أصعب؟ والحج يمكنهن فيه بمجانبة الرجال، والاستتار عنهن، فلذلك كان أفضل لهن من الجهاد.( عمدة القاري 14 / 163, فتح الباري شرح صحيح البخاري 6/ 168)
43- عن أنس، رضي الله تعالى عنه، قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم في جنازة، فرأى نسوة فقال: أتحملنه؟ قلن: لا. قال: أتدفنه؟ قلن: لا. قال: "فارجعن مأزورات غير مأجورات".
قال العيني : لأن الرجال أقوى لذلك والنساء ضعيفات ومظنة للانكشاف غالبا، خصوصا إذا باشرن الحمل، ولأنهن إذا حملنها مع وجود الرجال لوقع اختلاطهن بالرجال، وهو محل الفتنة ومظنة الفساد. فإن قلت: إذا لم يوجد رجال؟ قلت: الضرورات مستثناة في الشرع( عمدة القاري 8/ 111)
44- عن مالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَفْلَـحَ أَخَا أَبِـي الْقُعَيْسِ، جَاءَ يَسْتَأَذِنُ عَلَـيْهَا، وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْـحِجَابُ، قَالَتْ فَأَبَـيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَـمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّه ، أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِـي أَنْ آذَنَ لَهُ عليّ (30 ـ 3).
قال ابن عبدالبر : فـي هذا الـحديث دلـيل علـى أن احتـجاب النساء من الرجال لـم يكن فـي أول الإسلام، وأنهم كانوا يرون النساء، ولا يستتر نساؤهم عن رجالهم، إلا بمثل ما كان يستتر رجالهم عن رجالهم، حتـى نزلت آيات الـحجاب (التمهيد 6/ 235)
قال العيني : وفيه أنه لا يجوز للمرأة أن تأذن للرجل الذي ليس بمحرم لها في الدخول عليها، ويجب عليها الاحتجاب منه، وهو كذلك إجماعاً بعد أن نزلت آية الحجاب، وما ورد من بروز النساء فإنما كان قبل نزول الحجاب، وكانت قصة أفلح مع عائشة بعد نزول الحجاب.(عمدة القاري 13/ 202)
45- وقد ثبت ذلك من حديث عروة عن عائشة موقوفاً أخرجه عبدالرزاق بإسناد صحيح ولفظه قالت «كن نساء بني إسرائيل يتخذن أرجلاً من خشب يتشرفن للرجال في المساجد فحرم الله عليهن المساجد، وسلطت عليهن الحيضة» وهذا وإن كان موقوفاً لكن حكمه حكم الرفع لأنه لا يقال بالرأي.(عون المعبود شرح سنن أبي داوود 2/ 331)
46- عن نافع، قال: خرج عبد اللّه بن عمر رضي الله عنهما وأنا معه على جنازة فرأى معها نساء ، فوقف ثم قال: ردهن، فإنهن فتنة الحي والميت ثم مضى، فمشى خلفها.( شرح المعاني والآثار كتاب الجنائز 1/ 479)
فهذا إنكار فعلي من عبدالله بن عمر الصحابي الجليل لاختلاط الرجال بالنساء ..
الدليل الثامن والأربعون : معنى بكة :
قال أبو جعفر الطبري في كتاب التفسير :
وأما قوله : " للذي ببكة مباركا " ، ، فإنه يعني : للبيت الذي بمُزْدَحم الناس لطوافهم في حجهم وعمَرهم.
* * *
وأصل " البكّ " : الزحم ، يقال : منه : " بكّ فلانٌ فلانًا " إذا زحمه وصدمه - " فهو يَبُكه بَكًّا ، وهم يتباكُّون فيه " ، يعني به : يتزاحمون ويتصادمون فيه. فكأن " بَكَّة " " فَعْلة " من " بَكَّ فلان فلانًا " زحمه ، سُميت البقعة بفعل المزدحمين بها.
* * *
فإذا كانت " بكة " ما وصفنا ، وكان موضع ازدحام الناس حَوْل البيت ، وكان لا طوافَ يجوز خارج المسجد كان معلومًا بذلك أن يكون ما حَوْل الكعبة من داخل المسجد ، وأن ما كان خارجَ المسجد فمكة ، لا " بكة " . لأنه لا معنى خارجَه يوجب على الناس التَّباكَّ فيه. وإذْ كان ذلك كذلك ، كان بيّنًا بذلك فسادُ قول من قال : " بكة " اسم لبطن " مكة " ، ومكة اسم للحرم. (1) .
* * *
*ذكر من قال في ذلك ما قلنا : من أن " بكة " موضع مزدحم الناس للطواف :
__________
(1) انتهى جزء من التقسيم القديم ، وفي المخطوطة ما نصه :
" يتلوهُ ذكر مَنْ قال في ذلك ما قُلنا من أن بكة موضع مزدحم الناس للطواف والحمد لله على عونه وإحسانه ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وسلم تسليمًا " ثم يتلوه ما نصه :
بسم الله الرحمن الرحيم
ربّ يَسِّر
أَخبرنا أبو بكر محمد بن داود بن سليمان البغدادي قال حدثنا محمد بن جرير " فأعاد إسناد المخطوطة التي نقل عنها ، كما سلف في تعليقنا 6 : 495 ، 496 رقم : 5 ، وهذا هو الموضع الثاني لذكر هذا الإسناد الجديد.
(7/23)
______________________________ __________
7435 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال ، : حدثنا هشيم ، عن حصين ، عن أبي مالك الغفاري في قوله : " إن أوّل بيت وضع للناس للذي ببكة " قال ، " بكة " موضع البيت ، " ومكة " ما سوى ذلك.
7436 - حدثني يعقوب قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم مثله.
7437 - حدثنا ابن حميد قال ، حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن أبي جعفر قال : مرت امرأة بين يدي رجل وهو يصلي وهي تطوف بالبيت ، فدفعها. قال أبو جعفر : إنها بَكَّةٌ ، يبكّ بعضُها بعضًا.
7438 - حدثنا ابن المثني قال : حدثنا عبد الصمد قال ، : حدثنا شعبة قال ، حدثنا سلمة ، عن مجاهد قال : إنما سميت " بكة " ، لأن الناس يتباكُّون فيها ، الرجالَ والنساءَ.
7439 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن حماد ، عن سعيد قال ، قلت لأي شيء سُميت " بكة " ؟ قال : لأنهم يتباكُّون فيها قال : يعني : يزدحمون. (1)
7440 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن الأسود بن قيس ، عن أبيه ، عن ابن ال*****ر قال ، إنما سميت " بكة " ، لأنهم يأتونها حُجّاجًا. (2)
7441 - حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : " إنّ أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا " ، فإن الله بَكَّ به الناس جميعًا ، فيصلي النساءُ قدّام الرجال ، ولا يصلح ببلد غيره.
7442 - حدثنا الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا عبد الرزاق قال ، أخبرنا معمر ، عن قتادة : " بكة " ، بكّ الناس بعضهم بعضًا ، الرجال والنساء ، يصلي بعضُهم بين يدَيْ بعض ، لا يصلح ذلك إلا بمكة.
__________
(1) في المطبوعة : " يتزاحمون " ، وأثبت ما في المخطوطة.
(2) الأثر : 7440 - " الأسود بن قيس العبدي " ، روى عن أبيه وجماعة ، وروى عنه شعبة والثوري وشريك وغيرهم. وأبوه : " قيس العبدي " الكوفي ، مترجم في الكبير 4 / 1 / 149. وكان في المطبوعة والمخطوطة : " عن أخيه " ، وهو تصحيف والصواب ما أثبت.
(7/24)
______________________________ __________
7443 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية العوفي قال : " بكة " ، موضع البيت ، و " مكة " : ما حولها.
7444 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، أخبرني يحيى بن أزهر ، عن غالب بن عبيد الله : أنه سأل ابن شهاب عن " بكة " قال ، " بكة " البيت ، والمسجد. وسأله عن " مكة " ، فقال ابن شهاب : " مكة " : الحرم كله.
7445 - حدثنا الحسين قال ، حدثنا هشيم قال ، أخبرنا حجاج ، عن عطاء ومجاهد قالا " بكة " : بكّ فيها الرجالَ والنساءَ.
7446 - حدثني عبد الجبار بن يحيى الرملي. قال : قال ضمرة بن ربيعة ، " بكة " : المسجد ، . و " مكة " : البيوت. (1)
__________
(1) الأثر : 7446 - " عبد الجبار بن يحيى الرملي " شيخ الطبري ، مضى برقم : 7425.
(2) هذا كلام الفراء في معاني القرآن 1 : 227.
(3) " الخروج " هنا ، كأنه الحال ، وقد سلف في 5 : 253 ، 254 ما يشبه أن يكون أيضا بمعنى الحال. وانظر ما سلف 6 : 586 " أن الحال يجيء بعد فعل قد شغل بفاعله ، فينصب كما ينصب المفعول الذي يأتي بعد الفعل الذي شغل بفاعله " .
( 7 /25)
قلت : ونستفيد من معنى بكة واختصاص الحرم بمزاحمة الرجال للنساء أن الأصل في الإسلام أن النساء لا يتزاحمن ويخالطن الرجال . والله أعلم
الدليل التاسع والأربعون :
قوله تعالى : {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} {حُورٌ} جمع حوراء ، وهي الشديدة بياض العين الشديدة سوادها وقد تقدم. {مَقْصُورَاتٌ} محبوسات مستورات {فِي الْخِيَامِ} في الحجال لسن بالطوافات في الطرق ، قاله ابن عباس. ( تفسير القرطبي (17/188))
فإذا كان نساء الجنة لا يخالطن الرجال ومستورات في الخيام دل ذلك على أن نساء المسلمين لا يخالطن الرجال ويلزمن بيوتهن , ودل كذلك على أن عدم مخالطة الرجال والقرار في البيت صفة كمال للمرأة لا صفة نقص كما يقول دعاة السفور والاختلاط .. نسأل الله السلامة والعافية ..
باب من وراء حجاب
50 - أنه أتى عائشة فقال لها : يا أم المؤمنين ، إن رجلا يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في المصر ، فيوصي أن تقلد بدنته ، فلا يزال من ذلك اليوم محرما حتى يحل الناس ، قال : فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب ، فقالت : لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيبعث هديه إلى الكعبة ، فما يحرم عليه مما حل للرجل من أهله ، حتى يرجع الناس .
رواه البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 5566
خلاصة الدرجة: [صحيح]
51 - كان مروان على الحجاز ، استعمله معاوية ، فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا ، فقال : خذوه ، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا ، فقال مروان : إن هذا الذي أنزل الله فيه : { والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني } . فقالت عائشة من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن ، إلا أن الله أنزل عذري .
رواه البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 4827
خلاصة الدرجة: [صحيح]
52 - سمعت عائشة ، وهي من وراء الحجاب تصفق وتقول : كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي . ثم يبعث بها . وما يمسك عن شيء مما يمسك عنه المحرم . حتى ينحر هديه .
رواه مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1321
خلاصة الدرجة: صحيح
53 - اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبدالمطلب . فقالا : والله ! لو بعثنا هذين الغلامين ( قالا لي وللفضل بن عباس ) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه ، فأمرهما على هذه الصدقات ، فأديا ما يؤدي الناس ، وأصاب مما يصيب ؟ .... ( الحديث ) قال : فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه . قال : وجعلت زينب تلمع علينا من وراء الحجاب أن لاتكلماه . قال : ثم قال : " إن الصدقة لاتنبغي لآل محمد . إنما هي أوساخ الناس . أدعوا لي محمية ( وكان على الخمس ) ونوفل بن الحارث بن عبدالمطلب " . قال : فجاءاه . فقال لمحميه " أنكح هذا الغلام ابنتك " ( للفضل بن عباس ) فأنكحه . وقال لنوفل بن الحارث " أنكح هذا الغلام ابنتك " ( لي ) فأنكحني وقال لمحمية " أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا " .
رواه مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 1072
خلاصة الدرجة: صحيح
54 - لما أهديت فاطمة إلى علي بن أبي طالب لم نجد في بيته إلا رملا مبسوطا ووسادة حشوها ليف وجرة وكوزا فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحدثن حدثا أو قال لا تقربن أهلك حتى آتيك فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ..... ( الحديث ) ثم رأى سوادا من وراء الستر أو من وراء الباب فقال من هذا قالت أسماء قال أسماء بنت عميس قالت نعم يا رسول الله قال جئت كرامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت نعم إن الفتاة ليلة يبنى بها لا بد لها من امرأة تكون قريبا منها إن عرضت لها حاجة أفضت ذلك إليها قالت فدعا لي بدعاء إنه لأوثق عملي عندي ثم قال لعلي دونك أهلك ثم خرج فولى فما زال يدعو لهما حتى توارى في حجره
رواه الهيثمي - المصدر: مجمع الزوائد - الصفحة أو الرقم: 9/212
خلاصة الدرجة: رجاله رجال الصحيح
في النكت والعيون :
({ قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعآء } والصدور الانصراف ، ومنه الصدر لأن التدبير يصدر عنه ، والمصدر لأن الأفعال تصدر عنه . والرعاء جمع راع .
وفي امتناعهما من السقي حتى يصدر الرعاء وجهان :
أحدهما : تصونا عن الاختلاط بالرجال .
الثاني : لضعفهما عن المزاحمة بماشيتهما .
{ وأبونا شيخ كبير } وفي قولهما ذلك وجهان
: أحدهما : أنهما قالتا ذلك اعتذارا إلى موسى عن معاناتهما سقي الغنم بأنفسهما .
الثاني : قالتا ذلك ترقيقا لموسى ليعاونهما ). (3/270)
في البحر المديد :
( { قالتا لا نسقي } غنمنا { حتى يصدر الرعاء } ، أي : يصرفوا مواشيهم ، يقال : أصدر عن الماء وصدر ، والمضارع : يصدر ويصدر ، والرعاء : جمع راع ، كقائم وقيام ، والمعنى : لا نستطيع مزاحمة الرجال ، فإذا صدروا سقينا مواشينا ..
{ فسقى لهما } أي : فسقى غنمهما لأجلهما؛ رغبة في المعروف وإغاثة الملهوف ، روي أنه نحى القوم عن رأس البئر ، وسألهم دلوا ، فأعطوه دلوهم ، وقالوا : استق به ، وكانت لا ينزعها إلا أربعون ، فاستقى بها ، وصبها في الحوض ، ودعا بالبركة . وقيل : كانت آبارهم مغطاة بحجار كبار ، فعمد إلى بئر ، وكان حجرها لا يرفع إلا جماعة ، فرفعه وسقى للمرأتين .
ووجه مطابقة جوابهما سؤاله : أنه سألهما عن سبب الذود ، فقالتا : السبب في ذلك أن امرأتان مستورتان ضعيفتان ، لا نقدر على مزاحمة الرجال ، ونستحي من الاختلاط بهم ، فلا بد لنا من تأخير السقي إلى أن يفرغوا ).
(4/422)
الدليل الخامس والخمسون :
ما نقله الحافظ ابن الجوزي عن أبي سلامة رحمه الله قال:
(انتهيت إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يضرب رجالاً ونساءً في الحَرَم ، على حوضٍ يتوضئون منه ، حتى فرَّق بينهم ، ثم قال: يا فلان. قلتُ: لبيك وسعديك ، قال: لا لبيك ولا سعديك ، ألم آمرك أن تتخذ حياضاً للرجال وحياضاً للنساء ؟! )
الدليل السادس والخمسون :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الفذ الإستقامة :
وقد كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه التمييز بين الرجال والنساء والمتأهلين والعزاب
وكذلك لما قدم المهاجرون المدينة كان العزاب ينزلون دارا معروفة لهم متميزة عن دور المتأهلين فلا ينزل العزب بين المتأهلين وهذا كله لأن اختلاط أحد المصنفين بالآخر سبب الفتنة فالرجال إذا اختلطوا بالنساء كان بمنزلة اختلاط النار والحطب .
57 - قصة سهلة بنت سهيل امرأة أبي حذيفة:
والشاهد فيها أنها "جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يارسول الله! إنا كنا ندعو سالما ابناً، وإن الله قد أنزل ما أنزل، وإنه كان يدخل علي..." الحديث
في فيض القدير قال :
( أصل قصة سالم ما كان وقع من التبني الذي أدى إلى اختلاط سالم بسهلة ، فلما نزل الاحتجاب ومنعوا من التبني شق ذلك على سهلة فوقع الترخيص لها في ذلك لرفع ما حصل لها من المشقة )(14/346)
فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على عدم الاختلاط معها بذلك التبني بعد نزول القرآن، وأمرها بإرضاعه خمس رضعات لتحرم عليه".
فإذا كان لايجوز الاختلاط مع من يقوم مقام الابن مالم يكن محرماً، فكيف يسوغ الاختلاط بغيره.
58- قوله عليه الصلاة والسلام : "على رسلكما إنها صفية" رواه البخاري في الصحيح 3/1159رقم (3107)، ومسلم 4/1712 برقم (2174).
وفيه أن صفية –رضي الله عنها- زارته في معتكفه، فأرادت أن تنقلب فقال لها: لا تعجلي حتى أنصرف معك. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، معها فمر رجلان من الأنصار، فلمارأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنها صفية بنت حيي. قالا: سبحان الله يا رسول الله! قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً.
وقد أورده البيهقي في الشعب تحت فصل فيمن أبعد نفسه عن مواضع التهم5/321.
وقال الإمام الشافعي –رحمه الله- : "أراد عليه السلام أن يعلم أمته التبري من التهمة في محلها، لئلا يقعا في محذور، وهما كانا أتقى لله من أن يظنا بالنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً" انظر تفسير ابن كثير سورة البقرة }ولاتباشروهن وأنتم عاكفون..{ الآية 1/225.
وقال الماوردي: "فما كل ريبة ينفيها حسن الثقة. هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أبعد خلق الله من الريب وأصونهم من التهم، وقف مع زوجته صفية ذات ليلة على باب مسجد، يحادثها وكان معتكفاً، فمر به رجلان من الأنصار، فلما رأياه أسرعا. فقال لهما: على رسلكما إنها صفية بنت حيي. فقالا: سبحان الله! أوفيك شك يارسول الله؟ فقال: مه، إن الشيطان يجري من أحدكم مجرى لحمه ودمه، فخشيت أن يقذف في قلبيكما سوءاً".
ثم قال الماوردي: "فكيف من تخالجت فيه الشكوك، وتقابلت فيه الظنون، فهل يَعْرَى مَنْ في مواقف الرِّيَبِ مِنْ قادحٍ مُحَقَّق، ولائمٍ مُصدَّق" أدب الدنيا والدين ص327.
والشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم، قرر أن خلطة الرجل بالمرأة موطن ريبة، ومحل تهمة، مع أن هذه الخلطة كانت عند المسجد، وفي محل عام مطروق، وزمانها ليلة من ليال العشر الأواخر من رمضان( انظر عمدة القاري 5/321) ، مع امرأة مضروب عليها الحجاب الكامل بغير خلاف لكونها من أزواجه، صلى الله عليه وسلم، أضف إلى ذلك الأصول المقررة؛ كعصمة النبي صلى الله عليه وسلم، ورسوخ إيمان صحابته، رضوان الله تعالى عليهم.
كل ذلك لم يبرر ترك بيان أن الاختلاط بالنساء موضع تهمة، ومحل شبهة.
59- قوله صلى الله عليه وسلّم: «إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان»
قال العلماء: معناه الإشارة إلى الهوى والدعاء إلى الفتنة بها لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته وتزيينه له، ويستنبط من هذا أنه ينبغي لها أن لا تخرج بين الرجال إلا لضرورة، وأنه ينبغي للرجال الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقاً. (شرح النووي على صحيح مسلم 9/ 150)
60 - قوله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه إلا على أم سليم فإنه كان يدخل عليها فقيل له في ذلك فقال: إني أرحمها قتل أخوها معي)
قال العلماء: أراد امتناع الأمة من الدخول على الأجنبيات (شرح النووي على صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة 16/ 9)
وأما سبب دخول الرسول عليه الصلاة والسلام على أم سليم دون غيرها من النساء , فهو لأنها خالته من الرضاعة , ومن أراد المزيد حول ذلك , فليراجع هذا الرابط :
**Internal Linking (Threads)
**Internal Linking (Threads)
61- (481)مالِكٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَفْلَـحَ أَخَا أَبِـي الْقُعَيْسِ، جَاءَ يَسْتَأَذِنُ عَلَـيْهَا، وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْـحِجَابُ، قَالَتْ فَأَبَـيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَـمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّه ، أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِـي أَنْ آذَنَ لَهُ عليّ (30 ـ 3).
قال الإمام ابن عبدالبر :
( فـي هذا الـحديث دلـيل علـى أن احتـجاب النساء من الرجال لـم يكن فـي أول الإسلام، وأنهم كانوا يرون النساء، ولا يستتر نساؤهم عن رجالهم، إلا بمثل ما كان يستتر رجالهم عن رجالهم، حتـى نزلت آيات الـحجاب) انتهى. (التمهيد 6/ 235)
قال ابن جرير في تفسيره. المعنى لا يأذن لأحد من الرجال الأجانب أن يدخل عليهن فيتحدث إليهن، وكان من عادة العرب لا يرون به بأساً، فلما نزلت آية الحجاب نهى عن محادثتهن والقعود ( عون المعبود شرح سنن أبي داوود 5/ 360 )
62 - منع المخنث من الدخول على الأجنبيات , فمن باب أولى منع مكتملي القوة والنشاط من الرجال :
قال النووي: ( في الحديث منع المخنث من الدخول على النساء ومنعهن من
الظهور عليه وبيان أن له حكم الرجال الفحول الراغبين في النساء في هذا المعنى، وكذا حكم الخصي والمجبوب ذكره ) انتهى.( عون المعبود شرح سنن أبي داوود كتاب اللباس 11/ 165)
وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح :
( وأما المجبوب الذي جف ماؤه فبعض مشايخنا جوزوا اختلاطه بالنساء والأصح أنه لا يرخص ويمنع ) انتهى (10/63)
63- عن عائشة: كان عليه الصلاة والسلام، يصلي الصبح بغلس، فتنصرف نساء المؤمنين، لا يعرفن من الغلس، أو لا يعرف بعضهن بعضا.
قال الإمام ابن بطال :
(1)/216 -
( هذه السنة المعمول بها أن تنصرف النساء فى الغلس قبل الرجال ليخفين أنفسهن، ولا يتبين لمن لقيهن من الرجال، فهذا يدل أنهن لا يقمن فى المسجد بعد تمام الصلاة، وهذا كله من باب قطع الذرائع، والتحظير على حدود الله، والمباعدة بين الرجال والنساء خوف الفتنة ودخول الحرج، ومواقعة الإثم فى الاختلاط بهن) انتهى .
هذا والله اعلم .
المصدر: منتديات كبرياء الخليج - جميع نوادر الإنترنت هنا - من قسم: منتدى الدين الإسلامي الحنيف
طالبة تقنية- تاريخ التسجيل : 15/11/2010
المشاركات : 9
عدد النقاط : 5145
التخصص : تقنية حيوية
نشاط العضوة :
نوع جوالي : نوكيا n95
نظام جهــازي : xp
مزاجي :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى